الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد (نسخة منقحة)
.فَصْلٌ فِي سِيَاقِ هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي حَجّتِهِ: لا خلاف أنَّه لم يَحُجَّ بعد هجرته إلى الْمَدِينَةِ سِوَى حَجّةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ حَجّةُ الْوَدَاعِ وَلَا خِلَافَ أَنّهَا كَانَتْ سَنَةَ عَشْرٍ. وَاخْتُلِفَ هَلْ حَجّ قَبْلَ الْهِجْرَةِ؟ فَرَوَى التّرْمِذِيّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ حَجّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثَلَاثَ حِجَجٍ حَجّتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ وَحَجّةً بَعْدَمَا هَاجَرَ مَعَهَا عُمْرَةٌ قَالَ التّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ. قَالَ وَسَأَلْتُ مُحَمّدًا- يَعْنِي الْبُخَارِيّ- عَنْ هَذَا، فَلَمْ يَعْرِفْهُ مِنْ حَدِيثِ الثّوْرِيّ، وَفِي رِوَايَةٍ لَا يُعَدّ هَذَا الْحَدِيثُ مَحْفُوظًا. وَلَمّا نَزَلَ فَرْضُ الْحَجّ بَادَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى الْحَجّ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ فَإِنّ فَرْضَ الْحَجّ تَأَخّرَ إلَى سَنَةِ تِسْعٍ أَوْ عَشْرٍ وَأَمّا قَوْلُهُ تَعَالَى {وَأَتِمّوا الْحَجّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [الْبَقَرَةُ 196]، فَإِنّهَا وَإِنْ نَزَلَتْ سَنَةَ سِتّ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَلَيْسَ فِيهَا فَرْضِيّةُ الْحَجّ وَإِنّمَا فِيهَا الْأَمْرُ بِإِتْمَامِهِ وَإِتْمَامِ الْعُمْرَةِ بَعْدَ الشّرُوعِ فِيهِمَا، وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الِابْتِدَاءِ فَإِنْ قِيلَ فَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ تَأْخِيرُ نُزُولِ فَرْضِهِ إلَى التّاسِعَةِ أَوْ الْعَاشِرَةِ؟ قِيلَ لِأَنّ صَدْرَ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ نَزَلَ عَامَ الْوُفُودِ وَفِيهِ قَدِمَ وَفْدُ نَجْرَانَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَصَالَحَهُمْ عَلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ وَالْجِزْيَةُ إنّمَا نَزَلَتْ عَامَ تَبُوكَ سَنَةَ تِسْعٍ وَفِيهَا نَزَلَ صَدْرُ سُورَةِ آلِ عِمْرَان، وَنَاظَرَ أَهْلَ الْكِتَابِ وَدَعَاهُمْ إلَى التّوْحِيدِ وَالْمُبَاهَلَةِ وَيَدُلّ عَلَيْهِ أَنّ أَهْلَ مَكّةَ وَجَدُوا فِي نُفُوسِهِمْ عَلَى مَا فَاتَهُمْ مِنْ التّجَارَةِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ لَمّا أَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى: {يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِنّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التّوْبَةُ 28]، فَأَعَاضَهُمْ اللّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ بِالْجِزْيَةِ. وَنُزُولُ هَذِهِ الْآيَاتِ وَالْمُنَادَاةُ بِهَا، إنّمَا كَانَ فِي سَنَةِ، وَبَعَثَ الصّدّيقَ يُؤَذّنُ بِذَلِكَ فِي مَكّةَ فِي مَوَاسِمِ الْحَجّ وَأَرْدَفَهُ بِعَلِيّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَهَذَا الّذِي ذَكَرْنَاهُ قَدْ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ السّلَفِ. وَاللّهُ أَعْلَمُ..فصل خُرُوجُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَعْدَ أَنْ أَعْلَمَ النّاسَ: لَمّا عَزَمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى الْحَجّ أَعْلَمَ النّاسَ أَنّهُ حَاجّ، فَتَجَهّزُوا لِلْخُرُوجِ مَعَهُ وَسَمِعَ ذَلِكَ مَنْ حَوْلَ الْمَدِينَةِ، فَقَدِمُوا يُرِيدُونَ الْحَجّ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَوَافَاهُ فِي الطّرِيقِ خَلَائِقُ لَا يُحْصَوْنَ فَكَانُوا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ مَدّ الْبَصَرِ وَخَرَجَ مِنْ الْمَدِينَةِ نَهَارًا بَعْدَ الظّهْرِ لِسِتّ بَقَيْنَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ بَعْدَ أَنْ صَلّى الظّهْرَ بِهَا أَرْبَعًا، وَخَطَبَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ خُطْبَةً عَلّمَهُمْ فِيهَا الْإِحْرَامَ وَوَاجِبَاتِهِ وَسُنَنَهُ..تَرْجِيحُ الْمُصَنّفِ أَنّ خُرُوجَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ يَوْمَ السّبْتِ: وَقَالَ بْنُ حَزْمٍ: وَكَانَ خُرُوجُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ قُلْتُ وَالظّاهِرُ أَنّ خُرُوجَهُ كَانَ يَوْمَ السّبْتِ وَاحْتَجّ بْنُ حَزْم عَلَى قَوْلِهِ بِثَلَاثِ مُقَدّمَاتٍ. إحْدَاهَا: أَنّ خُرُوجَهُ كَانَ لِسِتّ بَقَيْنَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ.وَالثّانِيَةُ أَنّ اسْتِهْلَالَ ذِي الْحِجّةِ كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَالثّالِثَةُ أَنّ يَوْمَ عَرَفَةَ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاحْتَجّ عَلَى أَنّ خُرُوجَهُ كَانَ لِسِتّ بَقَيْنَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ بِمَا رَوَى الْبُخَارِيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ، انْطَلَقَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ بَعْدَمَا تَرَجّلَ وَادّهَنَ... فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ وَذَلِكَ لِخَمْسٍ بَقَيْنَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ. قَالَ بْنُ حَزْمٍ وَقَدْ نَصّ بْنُ عُمَرَ عَلَى أَنّ يَوْمَ عَرَفَةَ، كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ التّاسِعُ وَاسْتِهْلَالَ ذِي الْحِجّةِ بِلَا شَكّ لَيْلَةُ الْخَمِيسِ فَآخِرُ ذِي الْقَعْدَةِ يَوْمُ كَانَ خُرُوجُهُ لِسِتّ بَقَيْنَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ إذْ الْبَاقِي بَعْدَهُ سِتّ لَيَالٍ سِوَاهُ. وَوَجْهُ مَا اخْتَرْنَاهُ أَنّ الْحَدِيثَ صَرِيحٌ فِي أَنّهُ خَرَجَ لِخَمْسٍ بَقَيْنَ وَهِيَ يَوْمُ السّبْتِ وَالْأَحَدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالثّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ فَهَذِهِ خَمْسٌ وَعَلَى قَوْلِهِ يَكُون خُرُوجُهُ لِسَبْعٍ بَقَيْنَ. فَإِنْ لَمْ يُعَدّ يَوْمُ الْخُرُوجِ كَانَ لِسِتّ وَأَيّهُمَا كَانَ فَهُوَ خِلَافُ الْحَدِيثِ. وَإِنْ اعْتَبَرَ اللّيَالِي، كَانَ خُرُوجُهُ لِسِتّ لَيَالٍ بَقَيْنَ لَا لِخَمْسٍ فَلَا يَصِحّ الْجَمْعُ بَيْنَ خُرُوجِهِ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَبَيْنَ بَقَاءِ خَمْسٍ مِنْ الشّهْرِ أَلْبَتّةَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْخُرُوجُ يَوْمَ السّبْتِ فَإِنّ الْبَاقِيَ بِيَوْمِ الْخُرُوجِ خَمْسٌ بِلَا شَكّ وَيَدُلّ عَلَيْهِ إنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ذَكَرَ لَهُمْ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى مِنْبَرِهِ شَأْنَ الْإِحْرَامِ وَمَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ بِالْمَدِينَةِ وَالظّاهِرُ أَنّ هَذَا كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِأَنّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنّهُ جَمَعَهُمْ وَنَادَى فِيهِمْ لِحُضُورِ الْخُطْبَةِ وَقَدْ شَهِدَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا هَذِهِ الْخُطْبَةَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى مِنْبَرِهِ. وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يُعَلّمَهُمْ فِي كُلّ وَقْتٍ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ إذَا حَضَرَ فِعْلُهُ فَأَوْلَى الْأَوْقَاتِ بِهِ الْجُمُعَةُ الّتِي يَلِيهَا خُرُوجُهُ وَالظّاهِرُ أَنّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الْجُمُعَةَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بَعْضُ يَوْمٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَقَدْ اجْتَمَعَ إلَيْهِ الْخَلْقُ وَهُوَ أَحْرَصُ النّاسِ عَلَى تَعْلِيمِهِمْ الدّينَ وَقَدْ حَضَرَ ذَلِكَ الْجَمْعُ الْعَظِيمُ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجّ مُمْكِنٌ بِلَا تَفْوِيتٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ. وَلَمّا عَلِمَ أَبُو مُحَمّدٍ ابْنُ حَزْمٍ، أَنّ قَوْلَ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَعَائِشَة رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا: خَرَجَ لِخَمْسٍ بَقَيْنَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ لَا يَلْتَئِمُ مَعَ قَوْلِهِ أَوّلَهُ بِأَنْ قَالَ مَعْنَاهُ أَنّ انْدِفَاعَهُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ كَانَ لِخَمْسٍ قَالَ وَلَيْسَ بَيْنَ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ إلّا أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ فَقَطْ فَلَمْ تُعَدّ هَذِهِ الْمَرْحَلَةُ الْقَرِيبَةُ لِقِلّتِهَا، وَبِهَذَا تَأْتَلِفُ جَمِيعُ الْأَحَادِيثِ. قَالَ وَلَوْ كَانَ خُرُوجُهُ مِنْ الْمَدِينَةِ لِخَمْسٍ بَقَيْنَ لِذِي الْقَعْدَةِ لَكَانَ خُرُوجُهُ بِلَا شَكّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنّ الْجُمُعَةَ لَا تُصَلّى أَرْبَعًا، وَقَدْ ذَكَرَ أَنَسٌ، أَنّهُمْ صَلّوْا الظّهْرَ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا قَالَ وَيَزِيدُهُ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيّ، حَدِيثَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: قَلّمَا كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَخْرُجُ فِي سَفَرٍ إذَا خَرَجَ إلّا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَفِي لَفْظٍ آخَرَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ يُحِبّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَبَطَلَ خُرُوجُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِمَا ذَكَرْنَا عَنْ أَنَسٍ وَبَطَلَ خُرُوجُهُ يَوْمَ السّبْتِ لِأَنّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ خَارِجًا مِنْ الْمَدِينَةِ لِأَرْبَعٍ بَقَيْنَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وَهَذَا مَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ. قَالَ وَأَيْضًا قَدْ صَحّ مَبِيتُهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ اللّيْلَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ مِنْ يَوْمِ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَكُونُ انْدِفَاعُهُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ يَوْمَ الْأَحَدِ يَعْنِي: لَوْ كَانَ خُرُوجُهُ يَوْمَ السّبْتِ وَصَحّ مَبِيتُهُ بِذِي طُوَى لَيْلَةَ دُخُولِهِ مَكّةَ، وَصَحّ عَنْهُ أَنّهُ دَخَلَهَا صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجّةِ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ مُدّةُ سَفَرِهِ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى مَكّةَ سَبْعَةَ أَيّامٍ لِأَنّهُ كَانَ يَكُونُ خَارِجًا مِنْ الْمَدِينَةِ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لِأَرْبَعٍ بَقَيْنَ لِذِي الْقَعْدَةِ وَاسْتَوَى عَلَى مَكّةَ لِثَلَاثٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجّةِ وَفِي اسْتِقْبَالِ اللّيْلَةِ الرّابِعَةِ فَتِلْكَ سَبْعُ لَيَالٍ لَا مَزِيدَ وَهَذَا خَطَأٌ بِإِجْمَاعٍ وَأَمْرٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ، فَصَحّ أَنّ خُرُوجَهُ كَانَ لِسِتّ بَقَيْنَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وَائْتَلَفَتْ الرّوَايَاتُ كُلّهَا، وَانْتَفَى التّعَارُضُ عَنْهَا بِحَمْدِ اللّهِ انْتَهَى. قُلْت: هِيَ مُتَآلِفَةٌ مُتَوَافِقَةٌ وَالتّعَارُضُ مُنْتَفٍ عَنْهَا مَعَ خُرُوجِهِ يَوْمَ السّبْتِ وَيَزُولُ عَنْهَا الِاسْتِكْرَاهُ الّذِي أَوّلَهَا عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ. وَأَمّا قَوْلُ أَبِي مُحَمّدٍ ابْنِ حَزْمٍ: لَوْ كَانَ خُرُوجُهُ مِنْ الْمَدِينَةِ لِخَمْسٍ بَقَيْنَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ لَكَانَ خُرُوجُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَى آخِرِهِ فَغَيْرُ لَازِمٍ بَلْ يَصِحّ أَنْ يَخْرُجَ لِخَمْسٍ وَيَكُونُ خُرُوجُهُ يَوْمَ السّبْتِ وَاَلّذِي غَرّ أَبَا مُحَمّدٍ أَنّهُ رَأَى الرّاوِيَ قَدْ حَذَفَ التّاءَ مِنْ الْعَدَدِ وَهِيَ إنّمَا تُحْذَفُ مِنْ الْمُؤَنّثِ فَفَهِمَ لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقَيْنَ وَهَذَا إنّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ الْخُرُوجُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. فَلَوْ كَانَ يَوْمَ السّبْتِ لَكَانَ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ بَقَيْنَ وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَنْقَلِبُ عَلَيْهِ فَإِنّهُ لَوْ كَانَ بَقَيْنَ وَإِنّمَا يَكُونُ لِسِتّ لَيَالٍ بَقَيْنَ وَلِهَذَا اُضْطُرّ إلَى أَنْ يُؤَوّلَ الْخُرُوجَ الْمُقَيّدَ بِالتّارِيخِ الْمَذْكُورِ بِخَمْسٍ عَلَى الِانْدِفَاعِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَا ضَرُورَةَ لَهُ إلَى ذَلِكَ إذْ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ يَكُونَ شَهْرُ ذِي الْقَعْدَةِ كَانَ نَاقِصًا، فَوَقَعَ الْإِخْبَارُ عَنْ تَارِيخِ الْخُرُوجِ بِخَمْسٍ بَقَيْنَ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْ الشّهْرِ وَهَذِهِ عَادَةُ الْعَرَبِ وَالنّاسِ فِي تَوَارِيخِهِمْ أَنْ يُؤَرّخُوا بِمَا بَقِيَ مِنْ الشّهْرِ بِنَاءً عَلَى كَمَالِهِ ثُمّ يَقَعُ الْإِخْبَارُ عَنْهُ بَعْدَ انْقِضَائِهِ وَظُهُورِ نَقْصِهِ كَذَلِكَ لِئَلّا يَخْتَلِفَ عَلَيْهِمْ التّارِيخُ فَيَصِحّ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ يَوْمَ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ كُتِبَ لِخَمْسٍ بَقَيْنَ وَيَكُونُ الشّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَأَيْضًا فَإِنّ الْبَاقِيَ كَانَ خَمْسَةَ أَيّامٍ بِلَا شَكّ بِيَوْمِ الْخُرُوجِ وَالْعَرَبُ إذَا اجْتَمَعَتْ اللّيَالِي وَالْأَيّامُ فِي التّارِيخِ غَلّبَتْ لَفْظَ اللّيَالِي لِأَنّهَا أَوّلُ الشّهْرِ وَهِيَ أَسْبَقُ مِنْ الْيَوْمِ فَتَذْكُرُ اللّيَالِيَ وَمُرَادُهَا الْأَيّامُ فَيَصِحّ أَنْ يُقَالَ لِخَمْسٍ بَقَيْنَ بِاعْتِبَارِ الْأَيّامِ وَيُذَكّرُ لَفْظُ الْعَدَدِ بِاعْتِبَارِ اللّيَالِي، فَصَحّ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ لِخَمْسٍ بَقَيْنَ وَلَا يَكُونُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَأَمّا حَدِيثُ كَعْبٍ فَلَيْسَ فِيهِ أَنّهُ لَمْ يَكُنْ يَخْرُجُ قَطّ إلّا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَإِنّمَا فِيهِ أَنّ ذَلِكَ كَانَ أَكْثَرَ خُرُوجِهِ وَلَا رَيْبَ أَنّهُ لَمْ يَكُنْ يَتَقَيّدُ فِي خُرُوجِهِ إلَى الْغَزَوَاتِ بِيَوْمِ الْخَمِيسِ. وَأَمّا قَوْلُهُ لَوْ خَرَجَ يَوْمَ السّبْتِ لَكَانَ خَارِجًا لِأَرْبَعٍ فَقَدْ تَبَيّنَ أَنّهُ لَا يَلْزَمُ لَا بِاعْتِبَارِ اللّيَالِي، وَلَا بِاعْتِبَارِ الْأَيّام..إكْمَالُ الْمُصَنّفِ لِسِيَاقِ حَجّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: وَأَمّا قَوْلُهُ إنّهُ بَاتَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ اللّيْلَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ مِنْ يَوْمِ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى آخِرِهِ فَإِنّهُ يَلْزَمُ مِنْ خُرُوجِهِ يَوْمَ السّبْتِ أَنْ تَكُونَ مُدّةُ سَفَرِهِ سَبْعَةَ أَيّامٍ فَهَذَا عَجِيبٌ مِنْهُ فَإِنّهُ إذَا خَرَجَ يَوْمَ السّبْتِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الشّهْرِ خَمْسَةُ أَيّامٍ وَدَخَلَ مَكّةَ لِأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْ ذِي الْحِجّةِ فَبَيْنَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَدِينَةِ وَدُخُولِهِ مَكّةَ تِسْعَةُ أَيّامٍ وَهَذَا غَيْرُ مُشْكِلٍ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَإِنّ الطّرِيقَ الّتِي سَلَكَهَا إلَى مَكّةَ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَبَيْنَهَا هَذَا الْمِقْدَارُ وَسَيْرُ الْعَرَبِ أَسْرَعُ مِنْ سَيْرِ الْحَضَرِ بِكَثِيرٍ وَلَا سِيّمَا مَعَ عَدَمِ الْمَحَامِلِ وَالْكَجّاوَاتِ وَالزّوَامِلِ الثّقَالِ. وَاللّهُ أَعْلَمُ. عُدْنَا إلَى سِيَاقِ حَجّهِ فَصَلّى الظّهْرَ بِالْمَدِينَةِ بِالْمَسْجِدِ أَرْبَعًا، ثُمّ تَرَجّلَ وَادّهَنَ وَلَبِسَ إزَارَهُ وَرِدَاءَهُ وَخَرَجَ بَيْنَ الظّهْرِ وَالْعَصْرِ فَنَزَلَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَصَلّى بِهَا الْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمّ بَاتَ بِهَا وَصَلّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصّبْحَ وَالظّهْرَ فَصَلّى بِهَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَكَانَ نِسَاؤُهُ كُلّهُنّ مَعَهُ، وَطَافَ عَلَيْهِنّ تِلْكَ اللّيْلَةَ، فَلَمّا أَرَادَ الْإِحْرَامَ اغْتَسَلَ غُسْلًا ثَانِيًا لِإِحْرَامِهِ غَيْرَ غُسْلِ الْجِمَاعِ الْأَوّلِ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ حَزْمٍ أَنّهُ اغْتَسَلَ غَيْرَ الْغُسْلِ الْأَوّلِ لِلْجَنَابَةِ وَقَدْ تَرَكَ بَعْضُ النّاسِ ذِكْرَهُ فَإِمّا أَنْ يَكُونَ تَرَكَهُ عَمْدًا، لِأَنّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ وَإِمّا أَنْ يَكُونَ تَرَكَهُ سَهْوًا مِنْهُ وَقَدْ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: إنّهُ رَأَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَجَرّدَ لِإِهْلَالِهِ وَاغْتَسَلَ قَالَ التّرْمِذِيّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ..حَجّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَارِنًا وَالدّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ: وَذَكَرَ الدّارَقُطْنِيّ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ غَسَلَ رَأْسَهُ بِخِطْمِيّ وَأُشْنَانٍ. ثُمّ طَيّبَتْهُ عَائِشَةُ بِيَدِهَا بِذَرِيرَةٍ وَطِيبٍ فِيهِ مِسْكٌ فِي بَدَنِهِ وَرَأْسِهِ حَتّى كَانَ وَبِيصُ الْمِسْكِ يُرَى فِي مَفَارِقِهِ وَلِحْيَتِهِ ثُمّ اسْتَدَامَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ ثُمّ لَبِسَ إزَارَهُ وَرِدَاءَهُ ثُمّ صَلّى الظّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمّ أَهَلّ بِالْحَجّ وَالْعُمْرَةِ فِي مُصَلّاهُ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ أَنّهُ صَلّى لِلْإِحْرَامِ رَكْعَتَيْنِ غَيْرَ فَرْضِ الظّهْرِ. وَقَلّدَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بُدُنَهُ نَعْلَيْنِ، وَأَشْعَرَهَا فِي جَانِبِهَا الْأَيْمَنِ فَشَقّ صَفْحَةَ سَنَامِهَا، وَسَلَتَ الدّمَ عَنْهَا وَإِنّمَا قُلْنَا: إنّهُ أَحْرَمَ قَارِنًا لِبَضْعَةٍ وَعِشْرِينَ حَدِيثًا صَحِيحَةً صَرِيحَةً فِي ذَلِكَ:أَحَدُهَا: مَا أَخْرَجَاهُ فِي الصّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ تَمَتّعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي حَجّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجّ وَأَهْدَى، فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَبَدَأَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَهَلّ بِالْعُمْرَةِ ثُمّ أَهَلّ بِالْحَجّ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.وَثَانِيهَا: مَا أَخْرَجَاهُ فِي الصّحِيحَيْنِ أَيْضًا، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَر سَوَاءٌ.وَثَالِثُهَا: مَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، مِنْ حَدِيثِ قُتَيْبَةَ عَنْ اللّيْثِ عَنْ نَافِعٍ عَن ابْنِ عُمَرَ، أَنّهُ قَرَنَ الْحَجّ إلَى الْعُمْرَةِ وَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، ثُمّ قَالَ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَرَابِعُهَا: مَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ النّفَيْلِيّ، حَدّثَنَا زُهَيْرٌ هُوَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ حَدّثَنَا إسْحَاقُ عَنْ مُجَاهِدٍ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ كَمْ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ مَرّتَيْنِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَقَدْ عَلِمَ ابْنُ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اعْتَمَرَ ثَلَاثًا سِوَى الّتِي قَرَنَ بِحَجّتِهِ. ابْنِ عُمَرَ: إنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَرَنَ بَيْنَ الْحَجّ وَالْعُمْرَةِ لِأَنّهُ أَرَادَ الْعُمْرَةَ الْكَامِلَةَ الْمُفْرَدَةَ وَلَا رَيْبَ أَنّهُمَا عُمْرَتَانِ عُمْرَةُ الْقَضَاءِ وَعُمْرَةُ الْجِعْرَانَةِ، وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا أَرَادَتْ الْعُمْرَتَيْنِ الْمُسْتَقِلّتَيْنِ وَعُمْرَةُ الْقِرَانِ وَاَلّتِي صُدّ عَنْهَا، وَلَا رَيْبَ أَنّهَا أَرْبَعٌ.وَخَامِسُهَا: مَا رَوَاهُ سُفْيَانُ الثّوْرِيّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَجّ ثَلَاثَ حِجَجٍ: حَجّتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ وَحَجّةً بَعْدَمَا هَاجَرَ مَعَهَا عُمْرَةٌ. رَوَاهُ التّرْمِذِيّ وَغَيْرُهُ.وَسَادِسُهَا: مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ النّفَيْلِيّ وَقُتَيْبَةَ قَالَا: حَدّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ الْعَطّارُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ، قَالَ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَرْبَعَ عُمَرٍ عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ، وَالثّانِيَةُ حِينَ تَوَاطَئُوا عَلَى عُمْرَةٍ مِنْ قَابِلٍ وَالثّالِثَةُ مِنْ الْجِعْرَانَةِ، وَالرّابِعَةُ الّتِي قَرَنَ مَعَ حَجّتِهِ وَسَابِعُهَا: مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِوَادِي الْعَقِيقِ يَقُولُ أَتَانِي اللّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبّي عَزّ وَجَلّ، فَقَالَ صَلّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ وَقُلْ: عُمْرَةٌ فِي حَجّةٍ وَثَامِنُهَا: مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ كُنْت مَعَ عَلِيّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ حِينَ أَمّرَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى الْيَمَنِ، فَأَصَبْتُ مَعَهُ أَوَاقِيّ مِنْ ذَهَبٍ فَلَمّا قَدِمَ عَلِيّ مِنْ الْيَمَنِ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ وَجَدْتُ فَاطِمَةَ قَدْ لَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغَات، وَقَدْ نَضَحَتْ الْبَيْتَ بِنَضُوحٍ فَقَالَتْ مَا لَك؟ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ أَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَحَلّوا، قَالَ فَقُلْتُ لَهَا: إنّي أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ فَأَتَيْتُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ لِي: كَيْفَ صَنَعْتَ؟ قَالَ قُلْتُ أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ فَإِنّي قَدْ سُقْتُ الْهَدْيَ وَقَرَنْتُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَتَاسِعُهَا: مَا رَوَاهُ النّسَائِيّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ يَزِيدَ الدّمَشْقِيّ، حَدّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبُطَيْنِ، عَنْ عَلِيّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عُثْمَانَ، فَسَمِعَ عَلِيّا رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يُلَبّي بِعُمْرَةٍ وَحَجّةٍ فَقَالَ أَلَمْ تَكُنْ تَنْهَى عَنْ هَذَا؟ قَالَ بَلَى لَكِنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُلَبّي بِهِمَا جَمِيعًا، فَلَمْ أَدَعْ قَوْلَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِقَوْلِكَ وَعَاشِرُهَا: مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ سَمِعْتُ مُطَرّفًا قَالَ قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ أُحَدّثُك حَدِيثًا عَسَى اللّهُ أَنْ يَنْفَعَكَ بِهِ إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ جَمَعَ بَيْنَ حَجّةٍ وَعُمْرَةٍ، ثُمّ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ حَتّى مَاتَ وَلَمْ يَنْزِلْ قُرْآنٌ يُحَرّمُهُ وَحَادِي عَشْرِهَا: مَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطّانُ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ إنّمَا جَمَعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَيْنَ الْحَجّ وَالْعُمْرَةِ لِأَنّهُ عَلِمَ أَنّهُ لَا يَحُجّ بَعْدَهَا وَلَهُ طُرُقٌ صَحِيحَةٌ إلَيْهِمَا.وَثَانِي عَشْرِهَا: مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ وَقَرَنَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي حَجّةِ الْوَدَاعِ إسْنَادُهُ ثِقَاتٌ.وَثَالِثُ عَشْرِهَا: مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيّ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجّ وَالْعُمْرَةِ وَرَوَاهُ الدّارَقُطْنِيّ، وَفِيهِ الْحَجّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ.وَرَابِعُ عَشْرِهَا: مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ الْهِرْمَاسِ بْنِ زِيَادٍ الْبَاهِلِيّ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَرَنَ فِي حَجّةِ الْوَدَاعِ بَيْنَ الْحَجّ وَالْعُمْرَةِ وَخَامِسُ عَشْرِهَا: مَا رَوَاهُ الْبَزّارُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنّ ابْنَ أَبِي أَوْفَى قَالَ إنّمَا جَمَعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَيْنَ الْحَجّ وَالْعُمْرَةِ لِأَنّهُ عَلِمَ أَنّهُ لَا يَحُجّ بَعْدَ عَامِهِ ذَلِكَ وَقَدْ قِيلَ إنّ يَزِيدَ بْنَ عَطَاءٍ أَخْطَأَ فِي إسْنَادِهِ وَقَالَ آخَرُونَ لَا سَبِيلَ إلَى تَخْطِئَتِهِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ.وَسَادِسُ عَشْرِهَا: مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَرَنَ الْحَجّ وَالْعُمْرَةَ، فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا وَرَوَاهُ التّرْمِذِيّ، وَفِيهِ الْحَجّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَحَدِيثُهُ لَا يَنْزِلُ عَنْ دَرَجَةِ الْحَسَنِ مَا لَمْ يَنْفَرِدْ بِشَيْءٍ أَوْ يُخَالِفُ الثّقَاتِ.وَسَابِعُ عَشْرِهَا: مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أُمّ سَلَمَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ أَهِلّوا يَا آَلَ مُحَمّدٍ بِعُمْرَةٍ فِي حَجّ وَثَامِنُ عَشْرِهَا: مَا أَخْرَجَاهُ فِي الصّحِيحَيْنِ وَاللّفْظُ لِمُسْلِمٍ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ قُلْتُ لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَا شَأْنُ النّاسِ حَلّوا وَلَمْ تَحِلّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ؟ قَالَ إنّي قَلّدْتُ هَدْيِي، وَلَبّدْتُ رَأْسِي، فَلَا أَحِلّ حَتَى أَحِلّ مِنْ الْحَجّ وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنّهُ كَانَ فِي عُمْرَةٍ مَعَهَا حَجّ، فَإِنّهُ لَا يَحِلّ مِنْ الْعُمْرَةِ حَتّى يَحِلّ مِنْ الْحَجّ وَهَذَا عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ وَالشّافِعِيّ أَلْزَمُ لِأَنّ الْمُعْتَمِرَ عُمْرَةً مُفْرَدَةً لَا يَمْنَعُهُ عِنْدَهُمَا الْهَدْيُ مِنْ التّحَلّلِ وَإِنّمَا يَمْنَعُهُ عُمْرَةُ الْقِرَانِ فَالْحَدِيثُ عَلَى أَصْلِهِمَا نَصّ.وَتَاسِعُ عَشْرِهَا: مَا رَوَاهُ النّسَائِيّ، وَالتّرْمِذِيّ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ، أَنّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقّاصٍ، وَالضّحّاكَ بْنَ قَيْسٍ عَامَ حَجّ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَهُمَا يَذْكُرَانِ التّمَتّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجّ فَقَالَ الضّحّاكُ لَا يَصْنَعُ ذَلِكَ إلّا مَنْ جَهِلَ أَمْرَ اللّهِ فَقَالَ سَعْدٌ بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أَخِي. قَالَ الضّحّاكُ فَإِنّ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ نَهَى عَنْ قَالَ سَعْدٌ قَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ قَالَ التّرْمِذِيّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
|